ميدان السلطان أحمد أول منطقة يقصدها السياح في إسطنبول، إنه الميدان الذي يختصر التاريخ، فيجمع لك العديد من المعالم والمزارات السياحية في مكان واحد، ما بين مساجد وكنائس ومتاحف، كذلك تجد به أشهر أسواق إسطنبول، والعديد من المطاعم والحدائق، ما جعل منه مركزا لجذب السياح، ومكانا لا غنى عنه للأتراك أنفسهم، حيث يتردد عليه يوميًّا ما يربو على المليوني شخص.

 

السلطان أحمد الأول.. صبيّ يتولى الحكم!

عرفت المنطقة بهذا الاسم نسبة للسلطان أحمد الذي ولد بمدينة مانيسا في منطقة إيجا سنة 1590م، أبوه هو السلطان محمد الثالث، وأمه هاندان خاتون، توفي عام 1617م، ودفن بالضريح القريب من مسجده في إسطنبول.

تولى السلطان أحمد الحكم سنة 1012هـ، بعد وفاة والده، ولم يكن قد تجاوز الرابعة عشر من عمره، مما أدى إلى طمع الكثيرين في الحكم واندلاع عدد من الحركات المعادية للدولة في عهده، غير أنه كان موفقا في فترة حكمه إلى حد بعيد، لولا ما شاب ذلك من استمرار الانكشاريين في تمرّدهم. وقد عرف عن السلطان أحمد أنه كان رجلا تقيّا وحسن النية، بذل ما في وسعه لتقوية دولة الخلافة.

نشأ السلطان أحمد في كنف أبيه السلطان محمد الثالث، والذي تولى الحكم بعد مولده بخمس سنوات خلفا لوالده مراد الثالث، وقد دام حكمه تسع سنوات، عرف بثقافته العالية، وله ديوان يضم أشعاره.

اهتم محمد الثالث بتربية ولده وتأهيله لتحمل تبعات الخلافة، وعيّنه وليًّا للعهد في سن الثانية عشر، غير أن السلطان أحمد لم يمكث في هذا المنصب سوى عام ونصف، حيث توفّي السلطان محمد الثالث، وآلت إليه الخلافة وهو ابن الرابعة عشر.

تولّى السلطان أحمد الأول شئون الحكم دزن أي خبرة سابقة، لكنه حاول بذل ما وسعه لحماية مصالح الدولة، فقد كانت البلاد تمر بأزمة شديدة، حيث القتال الدائر مع النمسا، وتربص الدولة الصفوية.

كما ذكرنا فمن بين أسباب تعرض الدولة إلى تلك الاضطرابات الداخلية هو صغر سن السلطان أحمد، لكنه قد أظهر الحزم ورباطة الجأش، حيث عمل بجد في شئون إدارة الدولة، ولم يترك الأمر لوزرائه، كما اشتهر بالتديّن، والاعتدال في المظهر، كما كان شاعرا وفارسا، ماهرا في استخدام السلاح.

قصة ميدان السلطان أحمد

عرف الميدان أيام الدولة البيزنطية باسم مضمار سباق الخيل، حيث كان محور الحياة  في بيزنطية على مدى عشرة قرون تقريبا، كذلك كان مركز الدولة العثمانية على مدى أربعة قرون أخرى. كان الميدان في أول الأمر يتكون من صالتين مخصصتين لإقامة العروض، بالإضافة إلى محور مركزي، ومربعات الانطلاق والنهاية التي عرفت باسم (سفيندوني)، ولا تزال هناك بعض الأجزاء الباقية منها جنوب الميدان، غير أن المعارض التي كانت تعلو الهيكل الصخري قد تم تدميرها على يد رابع الحملات الصليبية، ثم فككت تماما خلال الحكم العثماني، واستخدم بعضها في بناء جامع سليمان القانوني.

شهد ميدان السلطان أحمد كثيرا من الأحداث السياسية على مدار تاريخ المدينة، منها على سبيل المثال أحداث شغب (نيكا) المناهضة لنظام الإمبراطور جستنيان في جمع الضرائب، حيث كانت عربات السباق المتنافسة تنقسم إلى فريقين: الخضراء والزرقاء، وكان تشجيع فريق ما يعد بمثابة انتماء لحزب سياسي، إلا أنه في عام 532 قبل الميلاد تمت مقاطعة السباق احتجاجا على جباية الضرائب المبالغ بها، وانضم الفريقان للمحتجين، ما أسفر عن أعمال شغب نيكا، التي سميت بهذا نسبة  لصيحات المتظاهرين (نيكا) أي (النصر)، أدى ذلك إلى ذبح آلاف المتظاهرين على يد قوات الإمبراطور، وهو ما منع لأجله سباق العربات مدة من الزمن.

كذلك اعتبر ميدان السلطان أحمد في عصر العثمانيين المكان الذي تنطلق منه الثورات وأعمال الشغب والاضطرابات، من بينها مثلا ما حدث في عام 1826م، حيث تم القضاء على فرق الإنكشارية، وهم حرس السلطان الشخصي، على يد السلطان محمود الثاني، وقد وصفت تلك الفرق بالفساد. أما في عام 1909م فقد كان اندلاع أحداث الشغب التي أدت إلى سقوط السلطان عبد الحميد الثاني.

ورغم كل تلك الثورات والاضطرابات التي انطلقت من ميدان السلطان أحمد  ضد الحكام البيزنطيين والعثمانيين على حد سواء، غير أنهم لم يتقفوا عن تجميله وتزيينه بالتماثيل والمنحوتات القيمة، التي غالبا ما يكون مصيرها السرقة أو التدمير، كما حدث من جنود الحملة الصليبية الرابعة، فقد مزقوا جميع اللوحات التي كانت تغطي حجر المسلة في الطرف الجنوبي من الميدان، ظانين أنها مصنوعة من الذهب، كذلك قاموا بسرقة مركبة الجياد الشهيرة التي كانت تتكون من أربعة جياد مكسوة بالبرونز.

المعالم السياحية بمنطقة السلطان أحمد في إسطنبول

إذا أردت زيارة أكبر قدر ممكن من الأماكن السياحية في إسطنبول في أسرع وقت فما عليك سوى التوجه إلى تلك المنطقة، حيث ستجد نفسك محاطا بالمعالم الشهيرة التي لا غنى عن زيارتها، ومن هذه المعالم:

  • متحف آيا صوفيا: وهو من روائع المعمار البيزنطي الكنسي، والذي تحول بعد ذلك إلى مسجد على يد السلطان محمد الفاتح، ليتزين بالزخارف العثمانية الإسلامية، ثم يصير عام 1935م متحفا ومزارًا سياحيًّا بارزا.
  • مسجد السلطان أحمد: وهو الجامع الفخم الذي تم بناؤه في حوالي 8 أعوام، بين عامي 1609م و1616م، بستة مآذن متقابلة، وقبة تحاكي قبة الصخره، يمتاز المسجد بنقوشه وزخارفه، والبلاط الأزرق، الذي منح بسببه اسم (الجامع الأزرق).
  • مسلة تحتموس الثالث: نقلت تلك المسلة الفرعونية من معبد الكرنك بمدينة الأقصر إلى الأسكندرية عبر نهر النيل، ثم أمر الإمبراطور ثيودوسيوس الأول في عام 390م بنقلها إلى القسطنطينية –إسطنبول حاليا- ليتزين بها مضمار السباق.
  • صهريج يره بطان: الذي بني خلال القرن السادس بعد الميلاد, يقع هذا الصهريج على بعد 150م جنوبي غرب متحف آيا صوفيا، بمنطقة السلطان أحمد، ويمتلئ بالماء والأسماك، لذا يوجد داخله مطعم فاخر يقدم المأكولات البحرية.
[vc_row css_animation=”” row_type=”row” use_row_as_full_screen_section=”no” type=”full_width” angled_section=”no” text_align=”left” background_image_as_pattern=”without_pattern”][vc_column][vc_text_separator title=”أفضل إقامة فندقة بأرخص سعر ” css_animation=”fadeInDownBig” border=”no” background_color=”#e90900″][vc_raw_html]JTNDaW5zJTIwY2xhc3MlM0QlMjJib29raW5nYWZmJTIyJTIwZGF0YS1haWQlM0QlMjIxMzEwMjg5JTIyJTIwZGF0YS10YXJnZXRfYWlkJTNEJTIyMTMxMDI3NCUyMiUyMGRhdGEtcHJvZCUzRCUyMmRmbDIlMjIlMjBkYXRhLXdpZHRoJTNEJTIyMTAwJTI1JTIyJTIwZGF0YS1oZWlnaHQlM0QlMjJhdXRvJTIyJTIwZGF0YS1sYW5nJTNEJTIyYXIlMjIlMjBkYXRhLWRlc3RfaWQlM0QlMjItNzU1MDcwJTIyJTIwZGF0YS1kZXN0X3R5cGUlM0QlMjJjaXR5JTIyJTIwZGF0YS1kZl9udW1fcHJvcGVydGllcyUzRCUyMjMlMjIlM0UlMEElMjAlMjAlMjAlMjAlM0MlMjEtLSUyMEFueXRoaW5nJTIwaW5zaWRlJTIwd2lsbCUyMGdvJTIwYXdheSUyMG9uY2UlMjB3aWRnZXQlMjBpcyUyMGxvYWRlZC4lMjAtLSUzRSUwQSUyMCUyMCUyMCUyMCUzQ2ElMjBocmVmJTNEJTIyJTJGJTJGd3d3LmJvb2tpbmcuY29tJTNGYWlkJTNEMTMxMDI3NCUyMiUzRUJvb2tpbmcuY29tJTNDJTJGYSUzRSUwQSUzQyUyRmlucyUzRSUwQSUzQ3NjcmlwdCUyMHR5cGUlM0QlMjJ0ZXh0JTJGamF2YXNjcmlwdCUyMiUzRSUwQSUyMCUyMCUyMCUyMCUyOGZ1bmN0aW9uJTI4ZCUyQyUyMHNjJTJDJTIwdSUyOSUyMCU3QiUwQSUyMCUyMCUyMCUyMCUyMCUyMHZhciUyMHMlMjAlM0QlMjBkLmNyZWF0ZUVsZW1lbnQlMjhzYyUyOSUyQyUyMHAlMjAlM0QlMjBkLmdldEVsZW1lbnRzQnlUYWdOYW1lJTI4c2MlMjklNUIwJTVEJTNCJTBBJTIwJTIwJTIwJTIwJTIwJTIwcy50eXBlJTIwJTNEJTIwJTI3dGV4dCUyRmphdmFzY3JpcHQlMjclM0IlMEElMjAlMjAlMjAlMjAlMjAlMjBzLmFzeW5jJTIwJTNEJTIwdHJ1ZSUzQiUwQSUyMCUyMCUyMCUyMCUyMCUyMHMuc3JjJTIwJTNEJTIwdSUyMCUyQiUyMCUyNyUzRnYlM0QlMjclMjAlMkIlMjAlMjglMkJuZXclMjBEYXRlJTI4JTI5JTI5JTNCJTBBJTIwJTIwJTIwJTIwJTIwJTIwcC5wYXJlbnROb2RlLmluc2VydEJlZm9yZSUyOHMlMkNwJTI5JTNCJTBBJTIwJTIwJTIwJTIwJTIwJTIwJTdEJTI5JTI4ZG9jdW1lbnQlMkMlMjAlMjdzY3JpcHQlMjclMkMlMjAlMjclMkYlMkZhZmYuYnN0YXRpYy5jb20lMkZzdGF0aWMlMkZhZmZpbGlhdGVfYmFzZSUyRmpzJTJGZmxleGlwcm9kdWN0LmpzJTI3JTI5JTNCJTBBJTNDJTJGc2NyaXB0JTNF[/vc_raw_html][/vc_column][/vc_row]

أما إذا كنت من هواة التسوق فلن تكون بحاجة للذاهب إلى أي منطقة أخرى، فبالقرب منك العديد والعديد من مناطق التسوق الشهيرة، أهمها السوق الكبير أو السوق المسقوف، والذي سمي بهذا الاسم لأن جميع شوارعه وأزقته -التي تبلغ 80 شارعا- مغطاة بالكامل لحماية مرتاديه من التقلبات الجوية، ويحتل السوق مساحة 30 ألف متر مربع، وهو أحد أقدم وأكبر الأسواق في العالم، حيث يمتد تاريخه لقرابة ستة قرون، ويستقبل حوالي 500 ألف زائر يوميا.

كذلك ستكون بالقرب من (السوق المصري)، والذي يشتهر ببيع الحلوى والمكسرات وأنواع العسل، إضافة إلى المشغولات اليدوية والملابس، وتتفرع منه بعض الأسواق الصغيرة المخصصة لبيع منتجات الألبان، ويحتوي السوق المصري على قرابة الـ85 دكانا، ويجد الزوار متعة مميزة في التجول بين حاراته وشوارعه لما له من جاذبية خاصة، ويمكنك هناك تجربة لبن الماعز اللذيذ المثلج، والكثير من أصناف الحلوى، كذلك تناول لحم الماشية المتبل الشهي.

كذلك يمكنك زيارة شارع الاستقلال الشهير، والذي يتفرع من ميدان تقسيم، حيث يتميز هذا الشارع بـ(الترام) العتيق الذي يمر عبره، وكذلك بالمباني الأثرية، ومحلات التحف والملابس المتراصة على جانبيه، وهو من أرقى مناطق التسوق في إسطنبول وأكثرها جذبا للسياح.

أخيرًا.. لتوفير الكثير من وقت زيارتك لإسطنبول عليك أن تبدأ بمنطقة السلطان أحمد، والتي ستعطيك جرعة مكثفة من المعالم السياحية وأماكن التسوق والترفيه، وتجعلك تمسك بروح المدينة في صورتها المصغرة.. منطقة السلطان أحمد.

Categorized in:

تركيا,