هي كوبا بطعم الانتصار، المدينة الأجمل سياحيًا والأكثر ثراء بعد مدينة هافانا السياحية عن جدارة، لا يمكن أن نذكرها دون أن نذكر الأثر النفسي والانطباع الذى تراه في وجوه الكوبيين عامة حين تذكر هذه المدينة الجميلة. إن السياحة في سانتياغو دي كوبا أشبه ما تكون بالسياحة فى متحف طبيعى مفتوح، وكيف لا وهى المدينة المتنوعة إلى حد الجمال الأخاذ والتاريخ الثري، فما بين الآثار التى تنتمى لحقبة الإستعمار الإسبانى والشواهد التاريخية الحديثة للثورة الكوبية ودلالاتها النفسية والجمالية يوجد الكثير والكثير. إن أماكن السياحة في سانتياغو دي كوبا تظل فى عيون السائح الذى يتغنى مسحورا بالسياحة في كوبا ومدنها ذات الطبيعة الخلابة، خاصة إذا علم أن تلك المدينة هي من أول المدن التى شهدت الثورة الكوبية والثوار المشاهير.
تتميز هذه المدينة بالبنايات التى تنتمى للطراز المعماري القوطي مع مزيج من العناصر الإسبانية، مما يجعل من السياحة في سانتياغو دي كوبا أشبه بالإبحار في مركب من البردى عبر محيط هادىء لدرجة رؤية القاع. تاريخيًا كانت سانتياغو دي كوبا منذ فترة طويلة ثاني أهم مدينة في الجزيرة الكوبية بعد هافانا، وهي تقع على خليج باهيا دي سانتياغو المتصل بالبحر الكاريبي. وتعد سانتياغو دي كوبا من أهم الموانىء فى كوبا بوجه عام، وذلك ما يعطيها بعدا اقتصاديا محوريًا في مجمل الاقتصاد الكوبي.
تاريخ المدينة بين الإستعمار والثورة
شهدت المدينة تدفق المهاجرين الفرنسيين والبريطانيين في أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر، وجاء العديد منهم من هاييتي بعد ثورة العبيد في عام 1791. وقد أضاف هذا إلى المدينة مزيجًا ثقافيًا كبيرًا، وهي المدينة الغنية بالفعل بالثقافة الإسبانية والإفريقية.
وقد كانت سانتياغو دي كوبا هي المكان الذي واجهت فيه القوات الإسبانية هزيمتها الرئيسية في سان خوان هيل في الأول من يوليو (1898م)، وكان ذلك خلال الحرب الإسبانية الأمريكية.. فبعد الاستيلاء على التلال المحيطة، وضع الجنرال (ويليام روفوس شافتر) حصارًا على المدينة. استسلمت إسبانيا بعد ذلك إلى الولايات المتحدة بعد أن دمر الأدميرال (وليام ت. سامبسون) الأسطول الإسباني فى المحيط الأطلسى خارج ميناء سانتياغو دي كوبا في يوم 3 يوليو من العام 1898.
ومن الجدير بالذكر أن سانتياغو دي كوبا هي موطن البطل الثوري “فرانك بايس”، وقد بدأت الثورة الكوبية في 26 يوليو 1953 مع هجوم مسلح على ثكنة مونكادا من قبل مجموعة صغيرة من المتمردين بقيادة فيدل كاسترو، وبعد وقت وجيز من وقوع هذا الحادث الكارثي، بدأ بايس في التحدث إلى الطلاب والشباب العاملين بشكل غير رسمي، وكوّن تحالفا ثوريا حضريا فعالاً للغاية، وقد تطور هذا إلى خلايا ثورية عالية التنظيم، ومقاومة حضرية واسعة النطاق أصبحت أداة فعالة في نجاح الثورة الكوبية. وفي 1 يناير 1959م، أعلن فيدل كاسترو انتصار الثورة الكوبية من شرفة تطل على قاعة مدينة سانتياغو دي كوبا.
الجغرافيا والمناخ
تقع سانتياغو دي كوبا فى جنوب شرق الجزيرة الكوبية، وهي تبعد حوالى (870 كم) عن العاصمة هافانا، وتتميز هذه المدينة السياحية الجميلة بصيف حار يُلطف من حرارته نسيم المحيط الأطلسى، وشتاء معتدل البرودة لا يمنع الحركة السياحية النشطة على مدار العام.
أهم أماكن السياحة في سانتياغو دي كوبا
تزخر هذه المدينة الكوبية الرائعة بالعديد من المزارات والمعالم السياحية المتنوعة، وفيما يلي سوف نذكر نبذة مختصرة عن أهم أماكن السياحة في سانتياغو دي كوبا وأكثرها زيارة من قبل السائحين الذين يقعون في عشق تلك المدينة الفريدة.
جبال سييرا مايسترا
إذا كنت من هواة المغامرة والهواء الطلق شديد النقاء؛ فلن تجد أفضل من جبال سييرا مايسترا الساحرة، حيث المناظر الخلابة لهذه الجبال تشكل لوحة طبيعية بين خضرة التلال والنظر للطبيعة من أعلى.
الساحة الرئيسية
هى ساحة الحياة إن أردت التعبير بدقة، فهي خليط من الهندسة المعمارية ذات الأنماط المختلفة، والتي تتعدد ما بين وجود الكاتدرائيات التاريخية ونادى سان كارلوس القديم وفندق كاسا غراندا، حيث ستشعر كأنك تتنقل بين أنماط أثرية وجغرافية من أزمنة كثيرة، وهذا هو سر الجمال الدفين في تلك الساحة البديعة، والتي تعد من أجمل أماكن السياحة في سانتياغو دي كوبا بصفة عامة.
كاتدرائية سانتياغو دي كوبا
هى واحدة من المبانى الأولى فى المدينة، وحين تنظر إليها فكأنك ترى العصور الوسطى بعبقها وأسطوريتها ودلالاتها. تم تجديدها فى عام (1922م) على يد المهندس المعمارى الشهير(كارلوس سيغريرا) والذى أزاد من ارتفاع أبراجها مما أعطاها لمسة حديثة اختلطت بالطراز القديم فزادته جمالاً على جماله.
نادى سان كارلوس
تم إنشائه عام (1864م) تكريما لدون كارلوس فارغاس، وفى السبعينات من القرن العشرين كان يتم استخدام المستوي الثاني من النادي كقصور للزواج، كما أنه كان مقر أول مكتب كوبي للطيران. وهو الآن يحتوي علي معرض للفنون الجميلة بالطابق الأعلي، وعلى معرض للثقافة والفن الشرقي في الطابق السفلي.
فندق كاسا غراندا
ينتمي إلي سلسلة فنادق كوياكانان، وهى سلسلة فنادق قديمة ورمزية كانت من أكثر صور السياحة في سانتياغو دي كوبا رواجاً. احتفل الفندق بالذكرى المئوية فى عام 2004م، وقد كان يستخدم كبيت ضيافة حتي أواخر القرن التاسع عشر. ويعد هذا الفندق ذو طراز فريد لأنه يحتوى على رؤية الكوبيين لأسباب الراحة قبل التكنولوجيا الحديثة، حيث تشعر وأنت في داخله بالحنين لكل ما هو قديم ودافىء.
شُرفة فلاسكيز
تم بنائها عام (1950م) من قِبل إدارة مدينة سانتياغو دي كوبا، وتم افتتاحها بعدها بثلاثة أعوام. تتميز هذه الشرفة برمزيتها بالنسبة للمدينة، وبكونها المكان الذي حظي بإلقاء كاسترو لخطاب انتصار الثورة. وتعد هذه الشرفة التاريخية من أبرز أماكن السياحة في سانتياغو دي كوبا بالنسبة للمهتمين بتاريخ الثورة الكوبية.
منطقة باريو إل تيفولى
هى المنطقة التي تحوي مزيجا من جمال الكاريبي وروعة الثقافة الأمريكية اللاتينية، وقد كان تأثيرها قويًا على ثوار هاييتي الذين اتخذوا منها مقرا لانطلاقهم، كما أن بها المنزل الجميل المتواضع الذي كان يقطنه فيدل كاسترو أثناء دراسته فى سانتياغو دي كوبا، وتحتوي المنطقة على متحف لا لوتشا كلاندستينا الذي يؤرخ لمقاومة رجال سانتياغو دي كوبا في عصر اضهاد باتيستا للشعب الكوبي.
شارع بِدري بيكو
هو واحد من أشهر الشوارع فى سانتياغو دى كوبا، وهو شارع مدرَّج تم إنشاؤه تكريماً للكاهن الكاثوليكي (برناردو ديل بيكو ليدين) وذلك في عام (1899م)، وقد تشعر وأنت تتمشي فيه بطعم التكريم الذى يحصل عليه المناضل حين يعشق أرضه.
وختامًا يمكننا القول بأن السياحة في سانتياغو دي كوبا هى سياحة تجمع بين جمال الحاضر وطعم التاريخ وروعة الأسطورة.