مدينة الصمود العربي، لؤلؤة الرومان المفقودة، أرض المجد الإسباني، صاحبة الحضارة القوطية العميقة، حيث أماكن السياحة في غرناطة تذكر العرب بجنتهم الضائعة، أهم مدن إسبانيا الجنوبية، وهي تقع في منطقة أندلوسيا، وعاصمة مقاطعة غرناطة، وعاصمة الأندلس الإسلامي، وارتفاع المدينة عن سطح البحر هو 738 مترًا، والمدينة معظم مجالاتها خاصة بالزراعة والسياحة.
إن السياحة في غرناطة تتعلق بهذا التاريخ العميق، والتراث العريق، فغرناطة هي المدينة الرومانية المحبوبة صاحبة القلاع والقصور، والرموز القوطية تجذب الكثير من محبي روعة تصميمهم، لكن قبل أي عرض تاريخي وتراثي أو حتى فني وثقافي حديث، يجب أن تعرف أن غرناطة هي المدينة الوحيدة التي أطلق عليها ما لها مثيل، وأن كل شيء في هذه المدينة غرناطة ممكن، فهي أرض المستحيل العالمية، ربما لأنها عند سفح جبل سييرا نيفادا، ووجود المدينة في منطقة التقاء بين الجبل وأحد السهول الخصبة الخاصة بفيغا، يجعلنا نصدق أنها مدينة الأحلام الأندلسية.
هي آخر المدن العربية في الأندلس، وسقوط المدينة اعتبر أكبر الهزائم الإسلامية، وأول المجد الإسباني لأن حصولك على الأندلس الصغرى يعد انتصارًا، وهذا التناقض الذي يجمع بين المسلمين واليهود في كفة واحدة وهي كفة الانهيار، والكفة الأخرى تخص المجد، وفيها أهل إسبانيا المسيحيين، وضع خطط مختلفة لرسم المدينة وزرع فيها الكثير من الخلاف.
العجيب أن هذه المقاومة من أهل المدينة بجوار العرب؛ لأنها مدينة عربية أكثر منها غربية حصل قبل هذا أيام الرومان أصحاب التاريخ العريق، عندما استطاع القوطيون هزيمة الرومان، وقف أهل المدينة مع الرومان واستطاعوا بمرور الوقت استعادة الحكم الروماني وإنهاء حكم القوطيين، وربما هو السبب الأساسي لتصبح آخر المدن الإسلامية في الأندلس؛ لأن أهلها يحبون الصمود، والمحاولة، وعدم الاستسلام.
أشهر المعالم التاريخية في غرناطة، والتي رسمت حدود السياحة في غرناطة قصر الحمراء، إنه الموضع الإسلامي الأشهر في إسبانيا، والعالم الغربي كله. وكاتدرائية غرناطة الموجودة في مكان مسجد المدينة، توضح معالم الحضارتين، وتضعك في جانب المقارنة الجميلة، والاختلافات الرائعة.
مع هذا الجانب التاريخ للمدينة ظهر الجانب الساحر للطبيعة، إن موقع المدينة يجذب الجميع إلى جنوب إسبانيا، لخوض تجربة السياحة الزرقاء، والتعرف على أهدأ وأجمل الأماكن في العالم، وقد قالوا أن الكفيف في هذه المدينة مظلوم، لشدة الجمال الذي حرم منه، فإن كان في أي مكان يمكن تعويض البصر، إلا في مدينة الخيال العربي الفردوس المفقود، فلا تستغرب كل النزاعات التي تمت، وكذلك لا تتعجب من صمود أهل هذه المدينة، وحفاظهم على عادتهم وتقاليدهم.
طبيعة غرناطة تهب الشجاعة والبسالة لأهلها، إنها مدينة زراعية تحب الزراع؛ وهم يحبون الأرض بحق، فتخرج لهم أجود أنواع الطعام، فكما أعطوا الأرض أعطت وأخرجت لهم كل شيء، فتعلم الإسبانية قبل رحلة السياحة في غرناطة، حتى تتعرف على هذه المدينة التي زرعت في رجالها الإخلاص، وحب العمل، والإبداع.
إن الأعمال الثقافية والفنية الحديثة تختلف عن ثقافة العالم كله، فهي مدينة فريدة من نوعها، ولن تجد مدينة مشابهة لها، يكفي أن الدولة الإسلامية لم تحزن على مدينة كهذه المدينة، حتى بعد سقوط قرطبة لم يكن الكرب بهذا الشكل الحادث، مع هذه الغرناطة رمانة العرب الحزينة.
تاريخ الفردوس العربي المفقود
سطع نجم مدينة غرناطة أو قل إلبيرا في القرن الخامس قبل الميلاد، على يد الإغريق، وكانت أحد المستعمارات الخاصة بهم، واسم إلبيرا يرجع إلى الحكام الرومان، فهم أصحاب هذا الاسم، ولم يتغير الاسم إلا بعد أن جاء المسلمون إلى المدينة، ورسمت الإمبراطورية الرومانية حدود هذه المدينة الساطعة، وأخلصوا فيها عملهم فخرجت القصور والقلاع في أزهى الصور.
وبدأ الصراع مع القوطيين الذين استطاعوا هزيمة الرومان، والسيطرة على المدينة، وتغيير حدودها الرومانية بلون قوطي دقيق، إلا أن حب المدينة للرومان أعادهم، وهذا نادر الحدوث فقد استطاعت القوى الرومانية استعادة المدينة، والإبقاء عليها مدة قرن من الزمن.
وجاء اسم غرناطة مع العرب بالقرن الثامن الميلادي، وسطع نجم العرب في غرناطة عاصمة الفنون، واستطاع المسلمون تحقيق الانتصارات الحضارية، وأصحبت غرناطة أرض العلم والعلوم الإسلامية، وبدأ العمل على نظم الري واستخرج أجود أنواع الحبوب والفواكه من هذه الأراضي الطاهرة، وتم بناء مسجد للمدينة عظيم، وقصر الحمراء شاهد على حضارة العرب الفريد، وتعلموا الإخلاص من أهل هذه المدينة الخالدة.
وكالعادة التاريخية العقيمة ما سطع نجم دولة إلا بدأ بزوغه، وهذا ما حدث قفل هذا النجم الزاهي وتمت الحروب الدامية مع إسبانيا المسيحية، وهي مواقع أسموها بالعقاب، وسقطت المدن مدينة مدينة، وتم العقاب على أكمل وجه، نتاج ضعف الدولة الإسلامية، وانفصال المرابطين والموحدين وغيرهم، وقصر الأحمر ينسب إلى ابن الأحمر المحافظ على هذه الأندلس، أطول فترة ممكنة، فهي المدينة الوحيدة الباقية للمسلمين في الأندلس.
بعد الإبقاء على هذه الزهرة حان وقت قطفها، بطريقة وحشية وبمعاهدة مرسوم الحمراء، هذا المرسوم خالفه المسيحيين بعدها ب6 سنوات، وقت المعاهدة 1492م بين محمد الثاني عشر آخر الحكام المسلمين، ولفرناندوا ملك قشتالة، وإيزابيلا، والملكان الكاثوليكيان، وهنا يأتي نص المعاهدة بالحفاظ على المدينة والإبقاء على كل ديانة في المدينة، وحرية العقيدة.
وتم مخالفة الأمر عام 1499م، ليتم تنصير المسلمين ليصبحوا مهجنيين أو يغادروا البلاد، واليهود حدث معهم نفس الأمر وبتنصيرهم يطلق عليهم المورسكيين، وبهذه الأفعال أصبحت المدينة مسيحية حتى النخاع، واستطاعت الازدهار وأصبحت أهم المدن الإسبانية في الوقت الحالي.
موقع زهرة الأندلس
مدينة غرناطة تلتقي بثلاث أنهار عند سفح جبال سيررا نيفادا وهي داروا، وبيرو، والشنيل وهذا الموقع بين هذه الأنهار الثلاث رائع للغاية، وغرناطة في جنوب إسبانيا وعاصمة المقاطعة غرناطة، وأحد مناطق أندلوسيا، وترتفع المدينة عن سطح البحر 738 متر، وعدد سكان غرناطة حوالي نصف مليون فرد، وموقع المدينة يجذب السياح، ويزيد السياحة في غرناطة لنرى نسبة 3% من عدد سكان المدينة غير إسبانيين، فهم يحملون جنسيات أخرى، ويعشقون غرناطة أم المدائن.
مناخ غرناطة
غرناطة تتمتع بمناخ معتتدل كمناطق الجنوب الإسباني، ففي فصل الشتاء تنخفض درجة الحرارة، لتصبح قريبة من الصفر، غير أن الأمطار قليلة، ومن النادر وجود ثلج في فصل الشتاء. أما فصل الصيف ترتفع درجات الحرارة فيه بشكل كبير، ولكنه يناسب السياحة في غرناطة، حيث يتمتع الزوار بهذا الجوا على شواطئ غرناطة الرائعة. وفصلي الربيع والخريف كأي مدينة إسبانية هما الأكثر نشاطًا.
أهم أماكن السياحة في غرناطة وأشهرها
كنوز العالم الغربي والعربي يلتقيان في عاصمة السحر غرناطة، المدينة التي تحافظ على تألقها، وتعرف كيف تطور من نظام السياحة، وكيف تستغل كل الإمكانيات المتاحة لديها، فهي مدينة تضم عدد هائل من الآثار الكافية لأن تجعل السياحة في غرناطة هي الأولى عالميًا، وتسعى المدينة لهذا، فمن الصعب أن تجد مدينة تجمع بين الآثار الرومانية، والقوطية، وكذلك الإسلامية، واليهودي، والمسيحية، في جوهر واحد، وفي منطقة ضيقة النطاق، إن المدينة تستغل كل الطرق الفنية، والمهرجانات العالمية، لتكون أحد الأماكن العالمية وهي كذلك بالفعل، فهي تعلم الناس كيف يكون التعاون والتشارك في الأرض، وكيف أن المسلمين والمسيحين واليهود عاشوا في منطقة واحدة، الكل يعمل على بناء مدينة خالدة، فجاءت عاصمة النور غرناطة، الزهرة المتألقة في سماء إسبانيا، ومن أماكن السياحة في غرناطة الأشهر.
1- قصر الحمراء
تم بناء القصر عام 889 م، على يد محمد بن يوسف من بني الأحمر، وهذا القصر يعد أحد الحصون المنيعة للمسلمين، وهو أشهرها في الغرب، والقصر على هضبة متوسطة الحجم؛ ليكون مؤهل للحماية بشكل كبير، والقصر أحد المعالم الإسبانية، فهو شاهد على روعة الإبداع الإسلامي، والقدرة على الابتكار، وكذلك الموهبة العملية، وهذا العمل يعد أحد الأعمال قوية الدافع؛ لأن غرناطة هي آخر المدن الأندلسية في إسبانيا، وجاء بناء هذا القصر في هذه الفترة القاسية، كأن المسلمين أرادوا أن يتركوا آخر أثر لهم، أو أنهم يوضحون للعالم الغربي كيف كان إبداعهم، فهو قصر تمت هندسته الإسلامية بدقة متناهية، فهو أحد عجائب إسبانيا والعالم كله، وفي القصر الكثير من النقوش، وبعض الآيات القرانية المكتوبة بطريقة تخطف القلوب.
2- الكاتدرائية الكبرى
هذه الكاتدرائية تعتمد على الفن القوطي في روعة رسوماته، وقدرته على ممارسة التصاميم، والنقوش الغاية في الإبداع، وفي مكان هذه الكنيسة تقع أنقاض أقدم مساجد المدينة، وفي وجه هذه الكنيسة تجد مدرسة يوسف الأول صاحب المدرسة القرآنية، وهي تحتفظ ببعض النقوش القرآنية النادرة، ورغم كل التعديلات التي قاموا بها في القرن الثامن عشر، احتفظ المكان بهيبته الإسلامية وروعته القوطية الكنائسية.
3- متحف غرناطة الأثري
يقع المتحف في قصر إستريل، وهو أحد القصور التي يرجع تاريخها إلى القرن السادس عشر، والقصر في غاية الروعة، وهو يتكون من طابقين وفناء عظيم، وهذا المتخف أحد المعالم الأثرية الدالة على غرناطة، فالمتحف به عدد كبير من التحف الأثرية، والمصنوعات اليدوية التي تبادلتها الشعوب منذ القدم، حتى أن الأعمال اليدوية التي وصلت إلى المتحف، تخص الكثير من الحضارات، ومنها القرطاجنيين و الفنيقيين والرومان والعرب، وهذا التنوع والتميز يعطي غرناطة نوع من التفوق السياحي.
4- منتزه العلوم
هذا المتحف مساحته 70 ألف متر مربع، وهو معد ليناسب كل الأعمار، ويقوم بعرض الأعمال العلمية، فكان يضم مرصد فلكي، ولكي يناسب الأطفال به عدد من التجارب الخاصة بالأطفال. بجانب القاعات الفيزيائية والميكانيكية التي تناسب كل الأعمار، وهو أحد المتاحف الأشهر في إسبانيا، والغير متوفرة إلا في القليل من المدن، فهذا المتحف مساحته كبيرة جدًا، ويضم عدد من الأعمال العلمية الضخمة.
5- جنة العريف بغرناطة
حديقة تقع داخل قصر الأحمر، وهي من أكبر الحدائق في المدينة وأشهرها، والحديقة تضم عدد من الأشجار المختلفة، والزهور التي تساعد على الاسترخاء، فالحديقة تساعد على الهدوء، وترسم البسمة في قلوب الزوار، من روعة مناظرها، وأحد مميزات الحديقة أن الزائر بإمكانه رؤية المدينة كلها، والتعرف على كل معالمهم فالحديقة مرتفعة عن الأرض بطريقة رائعة.
6- حي البائسين
هذا الحي يقع بشمال شرق غرناطة، وهو على هضبة بوادي نهر الدارو، وفي هذا الحي تشعر أنك في أحد الأحياء الأندلسية الرائعة، والبيوت في هذا الحي والشوارع تحتفظ بكل ما هو عربي، فهو حي أندلسي لا يفوت أي زائر التعرف عليه، ورؤية الإبداعات العربية في أجمل صورها وأبهى عصورها.
التسوق في غرناطة مدينة الشروق الإسباني
سوق غرناطة القائم من القرن الرابع عشر لا يزال موجودًا، ويحتفظ بكل شيء، إلا أن الأبواب الخاصة به قد هدمت، أما المحلات التجارية فإن هذا السوق يضم أكثر من 200 محل لبيع جميع المنتجات الخاصة بغرناطة، والآتية من الخارج، وهذا السوق يوضح مدى الروعة التسوقية في غرناطة، فكما أن السياحة في غرناطة قد تألقة، وظهرت واضحة لكل العالم، فإن التسوق في هذه المدينة مختلف، فهي تضم عدد كبير من المراكز التجارية، وبها عدد من الصيحات العالمية، وبعض تصاميم الأزياء المختلفة.