تخطى إلى المحتوى

جامع السلطان أحمد والمئذنة الذهبية في إسطنبول

  • بواسطة

من أكبر المساجد ليس بالنسبة إلى السياحة في تركيا فقط، بل في العالم، الجامع ذو المئذنة الذهبية في خيال السلطان أحمد قبل بنائه، أو هكذا حُكي أنه كلّف رئيس الوزراء، لكن هذا الأخير الذي لم يكن في مقدوره مراجعة أوامر السلطان –حتى إن كانت تستحيل ماديًّا-، تظاهر أنه سمع أمر السلطان ستة مآذن؛ حيث أن ستة بالتركية هي (ألتي) (altı)، و(ذهب) تعني (ألتن) (altın).. لكن فعلته هذه أدت لدخول السلطان في جدل لا ينتهي، لأنه لم يكن يوجد في بلاد المسلمين مسجد يتميز بمآذنه الستة سوى المسجد الحرام، الأمر الذي جعل الناس يظنون أنه يشبه المسجد الأزرق بالمسجد الحرام، غير أن السلطان خرج من هذا المأزق بتمويله بناء مأذنة سابعة في الحرم المكي.

 

تاريخ بناء المسجد الأزرق

الجامع المهيب الذي استغرق بناؤه حوالي ثمانية أعوام، ما بين عامي 1609م و1616م، بمآذنه الستة المتقابلة، وقبته التي تحاكي قبة الصخره، ونقوشه وزخارفه، وبلاطه الأزرق المميز، الذي منح اسم المسجد الأزرق لأجله، تم بناؤه على يد المهندس المعماري محمد أغا، وهو من أشهر المهندسيين الأتراك، حيث يضاهي في شهرته داود أغا وسنان باشا الذي تتلمذ على يده.

والسبب العجيب وراء بناء المسجد بهذه الضخامة والمهابة، هو أن السلطان كان يحاول محو الهزيمة التي لحقت بجيوش الإمبراطورية في حروبها مع الفرس من ذاكرة الرعايا، لهذا أراد أن يكون الجامع أعظم في بنائه من كافة جوامع السلاطين السابقيين، لكي يذكر الناس أثره الباقي في المدينة، وينسون واحدة من أعظم الانتكاسات الحربيّة.

فبعد معاهدة (زيتفاتوروك)، ونتيجتها غير المرضية في الحروب الدائرة مع الدولة الصفوية، أمر السلطان أحمد ببناء المسجد الضخم في إسطنبول، وكان أول جامع سلطاني يُبنى بعد مدة تبلغ أربعين عاما من التوقف، حيث جاء السلطان أحمد وقام بضربة الفأس الأولى في بناء المسجد بنفسه.

اعتاد أسلافه السلاطين إما على إنفاق أموالهم الخاصة لبناء مساجدهم، أو اعتمادًا على غنائم انتصاراتهم، غير أن السلطان أحمد قام بسحب الأموال من خزانة الدولة بهدف بناء هذا المسجد، وذلك بسبب عدم إحرازه أية انتصارات تذكر على أعدائه، مما أدى إلى اشتعال الغضب بين علماء الدين.

وكان لا بد أن يتم بناء الجامع مكان قصر الأباطرة، أمام آيا صوفيا مباشرة، وهو أكبر مساجد إسطنبول حينها، كذلك بالقرب من (هيبودروم) أو مضمار سباق القسطنطينية، وهو مكان يحمل أهمية رمزية كبيرة، من حيث أنه مركز ثقافي ورياضي للعاصمة  البيزنطية السابقة، لذا تم إنفاق الأموال الطائلة لشراء الأراضي وتجهيزها، وجرت مراسم الافتتاح في عام 1617م، رغم أن الكتابات والنقوش على باب المسجد تقول 1616م، حيث لم يكتمل بناء المسجد في فترة حكم السلطان أحمد، وقام خليفته السلطان مصطفى الأول بدفع باقي التكاليف لاستكمال البناء.

تجد المسجد الآن في ميدان السلطان أحمد، أمام متحف آيا صوفيا، حيث يطل على البوسفور، ويمكنك ببساطة أن تستقل قطار الأنفاق وستجد المحطة التي تسمت باسم هذا المزار والمعلم السياحي الفريد، والذي يعد واحدا من أكثر أماكن السياحة في إسطنبول جذبا للزوار، بل في تركيا بأكملها، على الرغم من أنه ما زال مسجدا تقام فيه شعائر الدين الإسلامي.

[vc_row css_animation=”” row_type=”row” use_row_as_full_screen_section=”no” type=”full_width” angled_section=”no” text_align=”left” background_image_as_pattern=”without_pattern”][vc_column][vc_text_separator title=”أفضل إقامة فندقة بأرخص سعر ” css_animation=”fadeInDownBig” border=”no” background_color=”#e90900″][vc_raw_html]JTNDaW5zJTIwY2xhc3MlM0QlMjJib29raW5nYWZmJTIyJTIwZGF0YS1haWQlM0QlMjIxMzEwMjg5JTIyJTIwZGF0YS10YXJnZXRfYWlkJTNEJTIyMTMxMDI3NCUyMiUyMGRhdGEtcHJvZCUzRCUyMmRmbDIlMjIlMjBkYXRhLXdpZHRoJTNEJTIyMTAwJTI1JTIyJTIwZGF0YS1oZWlnaHQlM0QlMjJhdXRvJTIyJTIwZGF0YS1sYW5nJTNEJTIyYXIlMjIlMjBkYXRhLWRlc3RfaWQlM0QlMjItNzU1MDcwJTIyJTIwZGF0YS1kZXN0X3R5cGUlM0QlMjJjaXR5JTIyJTIwZGF0YS1kZl9udW1fcHJvcGVydGllcyUzRCUyMjMlMjIlM0UlMEElMjAlMjAlMjAlMjAlM0MlMjEtLSUyMEFueXRoaW5nJTIwaW5zaWRlJTIwd2lsbCUyMGdvJTIwYXdheSUyMG9uY2UlMjB3aWRnZXQlMjBpcyUyMGxvYWRlZC4lMjAtLSUzRSUwQSUyMCUyMCUyMCUyMCUzQ2ElMjBocmVmJTNEJTIyJTJGJTJGd3d3LmJvb2tpbmcuY29tJTNGYWlkJTNEMTMxMDI3NCUyMiUzRUJvb2tpbmcuY29tJTNDJTJGYSUzRSUwQSUzQyUyRmlucyUzRSUwQSUzQ3NjcmlwdCUyMHR5cGUlM0QlMjJ0ZXh0JTJGamF2YXNjcmlwdCUyMiUzRSUwQSUyMCUyMCUyMCUyMCUyOGZ1bmN0aW9uJTI4ZCUyQyUyMHNjJTJDJTIwdSUyOSUyMCU3QiUwQSUyMCUyMCUyMCUyMCUyMCUyMHZhciUyMHMlMjAlM0QlMjBkLmNyZWF0ZUVsZW1lbnQlMjhzYyUyOSUyQyUyMHAlMjAlM0QlMjBkLmdldEVsZW1lbnRzQnlUYWdOYW1lJTI4c2MlMjklNUIwJTVEJTNCJTBBJTIwJTIwJTIwJTIwJTIwJTIwcy50eXBlJTIwJTNEJTIwJTI3dGV4dCUyRmphdmFzY3JpcHQlMjclM0IlMEElMjAlMjAlMjAlMjAlMjAlMjBzLmFzeW5jJTIwJTNEJTIwdHJ1ZSUzQiUwQSUyMCUyMCUyMCUyMCUyMCUyMHMuc3JjJTIwJTNEJTIwdSUyMCUyQiUyMCUyNyUzRnYlM0QlMjclMjAlMkIlMjAlMjglMkJuZXclMjBEYXRlJTI4JTI5JTI5JTNCJTBBJTIwJTIwJTIwJTIwJTIwJTIwcC5wYXJlbnROb2RlLmluc2VydEJlZm9yZSUyOHMlMkNwJTI5JTNCJTBBJTIwJTIwJTIwJTIwJTIwJTIwJTdEJTI5JTI4ZG9jdW1lbnQlMkMlMjAlMjdzY3JpcHQlMjclMkMlMjAlMjclMkYlMkZhZmYuYnN0YXRpYy5jb20lMkZzdGF0aWMlMkZhZmZpbGlhdGVfYmFzZSUyRmpzJTJGZmxleGlwcm9kdWN0LmpzJTI3JTI5JTNCJTBBJTNDJTJGc2NyaXB0JTNF[/vc_raw_html][/vc_column][/vc_row]

جامع السلطان أحمد وجدلية المعمار

عندما تقترب من الجامع سترى ذلك السور المرتفع الذي يحيط به من ثلاثة جوانب، ذلك السور ذو الخمسة أبواب، والتي تؤدي ثلاثة منها إلى الصحن المميز للمسجد، واثنان منها يؤديان إلى قاعة الصلاة. البوابة الضيقة سوف توصلك إلى فناء المسجد الأزرق حيث يبرز من الخارج بصورته المعمارية الفنية، ويحتوي على نقوش تزين مدخله، وفي أعلاها قبة صغيرة.
في الجزء الأعلى من المدخل الغربي للساحة توجد سلسلة السلطان الحديدة الثقيلة، مُعلقة إلى اليوم, وحده السلطان من يستطيع الدخول إلى هذه المنطقة على صهوة جواده، فكلما كان يأتي يكون مضطرا لخفض رأسه، كي لا يصطدم بالسلسلة, تلك الإيماءة التي ترمز إلى تأكيد ضآلة الحاكم أمام عظمة الله. ولصحن المسجد فناء كبير به النافورة السداسية المحمولة على ستة من الأعمدة، ويبدو واضحا على المكان مدى التأثر بالفن الفارسي في ذلك الحين.

كذلك ستجد أن داخل الجامع يمثل شكلا مستطيلا، طول أحد ضلعيه 72م والآخر 64م، وهو ما يتسع لقرابة عشرة آلاف مصلٍ، وفي المنتصف قبة كبيرة ارتفاعها 43م، وقطرها 23.5م، تحيط بها أربعة أنصاف قباب، كذلك فإن كل ركن بالمسجد ستجده مغطى بالقباب الصغيرة، والتي تحوي عددا كبيرا من النوافذ يبلغ 260 نافذة، تمتاز جميعها بزجاجها الملون المزخرف القادم من البندقية، كهدية قدمت للسلطان، والنوافذ موزعة لتسمح بدخول الضوء نهارًا، أما ليلا فتكون الإضاءة عن طريق ثريات قيّمة مطلية بالذهب، ومرصعة بالأحجار الكريمة والكرات الكريستالية.

ومن الفريد أيضا أن جدران الجامع مغطاة بـ 21043 بلاطة خزفية، تبلغ تصاميمها ما يتجاوز الخمسين تصميما مختلفا، منها آيات قرآنية قدمها سيدي قاسم جباري، الذي يعد أكبر خطاطي ذلك الوقت، كذلك يمتلئ المسجد بالزخارف والنقوش الملونة البديعة.

ومن أهم ما بداخل الجامع محرابه المُذهب الذي صنع من رخام تم نحته على نحو رفيع، تزين أعلاه لوحتان لآيات من القرآن، وبعض المقرنصات. أما الجدران المجاورة لهذا المحراب فمكسوة ببلاط السيراميك، الذي قد تطغى على روعته النوافذ الرائعة المحيطة به.
تجد يمين المحراب منبرًا ذهبيًّا مزخرفًا بأناقة، يعلوه شكل مخروطيّ. ومن روائع تصميم الجامع أنه مصمم بطريقة تجعل بإمكان كل المصلين أن يروا ويسمعوا الخطيب حتى في أوقات الامتلاء التام والاحتشاد.

ويعتبر تصميم الجامع ذروة نتاج قرنين كاملين من تطوير بناء المساجد في الدولة العثمانية والكنائس الإمبراطورية أيام البيزنطيين؛ ففيه يبدو الدمج واضحا بين بعض عناصر التصميم البيزنطي في كنيسة آيا صوفيا القريبة منه، إضافة إلى عناصر العمارة الإسلامية المعتادة، حيث أنه آخر المساجد الكبرى التي تُجسد العمارة الإسلامية العثمانية. ونجد وصف عملية البناء وتصميمات بصورة دقيقة في 88 مجلدا، هي حاليًا محفوظة في مكتبة قصر الباب العالي.

والمسجد يحتوي على ضريح السلطان أحمد، وعدد من المدارس الدينية، وعلى مستشفى تخصصي، وبجواره سوق مغطى ومطاعم بسيطة، وسبيل يوفر الماء للعابرين.

 

المسجد الأزرق وأضواء الإعلام

شهد مسجد السلطان أحمد مؤخرا عددا من الزيارات لشخصيات معروفة،  منها زيارة البابا بنديكت السادس عشر، والتي تجعله ثاني بابا يزور مسجدًا في التاريخ، بعد زيارة البابا يوحنا بولس الثاني للجامع الأموي بدمشق، وقد توجه أثناء زيارته للمسجد تجاه قبلة المسلمين، وأجرى صلاة صامتة، حيث أغمض عينيه لمدة دقيقتين، واقفا بجوار مفتي إسطنبول.

وقد قال البابا حينها: “ربما استطاع كل المؤمنين أن يحددوا إيمانهم بإله واحد وشهادتهم بأخوة حقيقية”. وتوقع البابا أن تكون تركيا جسرًا للتعاون والصداقة بين الشرق والغرب، كما شكر الشعب التركي على مودتهم وتعاطفهم الذي أظهروه أثناء زيارته.

كذلك الزيارة التي قام بها الرئيس الأمريكي أوباما في 2009م، بعد مشاركته في قمة جمعته وقادة الاتحاد الأوروبي، حثهم فيها على اعتبار تركيا عضوا كاملا في الاتحاد.

إنه البناء القادم بمئذنته الذهبية من مخيلة السلطان، المسجد الأزرق بـإسطنبول.. جامع السلطان أحمد العريق.

الوسوم:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *